في أول موضوع أكتبه في مدونتي..
أحببت أن أتكلم عن أكثر من موضوع..
هز وجداني موقف حصل معي في يوم من أيام الدوام في الكلية..
أذيع خبر وفاة فتاة قد كانت معنا يوم من الأيام..
تأتي إحدى الفتيات مندهشة إلى أقرب رفيقة للمتوفاة..
وتقول لها هل يعقل هذا الخبر؟ كيف؟ لقد رأيتها بالأمس!
واستمرت لفترة ليست بقصيرة على طرح مثل هذه الأسئلة على هذه الصديقة حتى جعلتها تنفجر بالبكاء..
فأجابتها الصديقة .. لقد قلتها ..
كان ذلك بألامس..!
حاولت الفتاة أن تخفف علي رفيقة المتوفاة حزنها ثم ذهبت في حال سبيلها ..
....
أحسست وكأن العالم بأجمعه قد توقف للحظة!
تخيلت ان تكون إحدى رفيقاتي في مكانها أو لربما كنت أنا !
تفكرت..
كم من عمل سأتحسرعلى أني لم أعمله؟
أو لو أني ذكرت فلانة بأذكار.. أو نصحتهاعن ملابسها..
أو أني ضحيت بهذه الساعة لأختلي فيها مع ربي!
أو او أو ...
تحسرات و ألم ..
يظل أثرها في القلب..!
حاولت بعدها باتخاذ إسلوب للنصح عن طريق المسجات مع صديقاتي "من النوع الغير ملتزم" ..
فلست من النوع الذي يتخذ الأسلوب المباشر بالنصيحة ربما لسبب خاص بنوع شخصيتي..
ومن هذه المواقف..
كانت صديقتي قد لبست ثوبا جميلا يومها ولكنه قصير عن النوع المعتاد..
ترددت كثيرا في قول النصيحة .. ولكني وضعت ذاك الموقف نصب عيني.. حتى تغلبت على نفسي وأرسلت الرسالة..
ووجدت أنها قد قابلت النصيحة بصدر رحب .. ولم تكتف بالرد عن طريق ((المسج)) فقط .. فقد اتصلت علي فور وصولها الرسالة!
بالطبع الأهم من ذلك كله أن يكون النصح نابعا من إحساس ..
إحساس ينبض بالحب لمن توجه له بالكلام.. فأتى أسلوبي أنك جميلة.. وثوبك جميل ..ولكن
"حتى لا يطمع الذي في قلبه مرض".. أتى كلامي كم باب فإنيي أخاف على عفتك وشرفك ومن عيون من لا يخافون الله ..
هذا الموقف يحمل أكثر من معنى ..
الأول والذي وضّحته بالأسطر أن الأجل قادم لا محالة..
والثاني هو الناس !
نعم الناس! في بعض الأحيان ترى الموقف وكأنهم خلقوا لزيادة الهم والغم على هذا المخلوق الضعيف الذي ابتلي بالمصيبة..
كمثال على ذلك.. هذه الفتاة التي توفت صديقتا ..! كانت على حال من السكون والطمأنينة ..
حتى أتت هذه الفتاة الأخرى وقلّبت الأمور على مواجعها .. بدل من أن تتأكد من الخبر من فتاة أخرى..
كم تتكرر هذه المواقف..
فتاة قد توفت والدتها رحمها الله .. وفي أثناء العزاء..
تأتي صديقة ليست بمقربة من هذه الفتاة وتحضنها بشدة وتقول لها لا بأس.. إبكي..
فقد فقدت شخصا عزيزا على قلبك! وقد فقدت والدي قبلك ! فكلنا يفقد وكلنا نحس..
لا أنكر أن الدموع نعمة وهبها الله لنا لكي نعبر عن أحاسيسنا.. لكن
بدلا من أن تثبتها .. تزيد من وجعها..؟!
"يوم العزاء كان يصادف اليوم الثالث.. فقد كانت الفتاة تمضي طوال الأيام التي سبقت هذا اليوم بالبكاء.. وقد علم الجميع بأمرها وبالأزمة التي حلت بها.. فقد كانت حالتها بالضبط يرثى لها..ولم أقل هذا الكلام إلا من سابق علم أنها صديقة قريبة من أختي..فلم تكن الفتاة بحالة كبت حتى نقول لها عبري عن حزنك بدموعك.. لكن دموعها قد فرغت من شدة بكائها..!
وأنا على علم من نوع الفتاة الأخرى التي قدمت الى العزاء أنها تريد أن تظهر بدور بطولة أنها صديقة تواسي صديقتها.. فكيف لها أن تؤدي هذا الدور والفتاة المصابة في حالة السكون؟
ربما البعض يقول أني أبالغ.. لكني والله أعلم أني مازلت أصادف هذا النوع من البشر كل يوم ولدي من المواقف الكثيرة مع هذه البنت بالذات..
لا أقول أن كل الناس تحمل مثل هذه الطباع .. لكني صادفت ليس بالعدد القليل منهم..
ذكرت بيت شعر استخدم في كلمات الأناشيد يقول فيها:
شكوت إلى الناس مما أعاني.. أشاعوا هموي فزاد عنائي..
فمن لي سواك رؤوفا بحالي .. ومن لي سواك لدفع البلاء..
المعنى الثالث.. هو
لماذا ترددت كثيرا لنصيحة صديقتي على الرغم من قربي منها..؟
لا أخفيكم سرا أني ظليت أكتب وأمسح باارسالة عدة مرات ! وقد تعبت !
فكان وسواس الشيطان لا يفارقني.. خوفا من أن أفقد هذه الصديقة..
ولكن ما كشفته بعد هذا الموقف.. والعديد من المواقف التي تماثله..
أن الناس فيهم من الخير ما لا نعلمه ..!
وأنهم على مدى من الإستعداد لأي إشارة تأتي أمامهم وتنبههم على طريقهم ..
فنحن محاسبين أمام الله عليهم ..
فعسى الله أن يعيننا على درب الدعوة ..
وعسى الله أن يعينني ويعين كل من اختار ان يسلك هذا الدرب على أن أوصل لهم هذا الطعم الجميل للقرب من الله ..
قال أحد الصالحين : مساكين أهل الدنيا ، خرجوا من الدنيا وما ذاقوا أطيب ما فيها ،قالوا : وما هو ؟ قال : ( معرفة الله ) .